اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
148762 مشاهدة print word pdf
line-top
بين المؤمنين الأتقياء والعصاة الأشقياء

...............................................................................


وإذا أراد العبد أن يقوي إيمانه فإن عليه أن يتتبع الأخبار التي في كتاب ربه وفي سنة نبيه، والتي أخبر الله تعالى فيها أخبر فيها عن الأمم السابقة, وأخبر عن الأمم اللاحقة، فإذا تتبعها ورأى وصَدَّق ما رأى أو ما سمع، رأى كيف أن ربه أحل بالعصاة أنواع العقوبات, وأنزل بهم المثلات، وانتقم منهم لما كذبوا رسله, وأنهم لما لم يؤمنوا, ولم يقبلوا ما أوحي به إلى أنبيائهم, بل ردوا ذلك وعاندوا, انتقم الله منهم، والله عزيز ذو انتقام.
مَنْ صدّق بهذا وأيقن به يقينا ثابتا يقينا علميا فإنه يحذر من نقمة الله تعالى, يقول: هذا أثر من كذّب، هذا أثر التكذيب، هذا أثر المخالفة. وهكذا أيضا رأى وسمع أن ربه سبحانه أنجى أهل الإيمان الذين صدّقوا الرسل, وعملوا الصالحات, ولم ينلهم من العذاب ما نال غيرهم من المكذبين, بل أنجى الرسل ومن معهم, علم أثر الإيمان وفائدته أنه سبب للنجاة من أنواع العذاب.
ذكر الله تعالى أنه أنجى نوحا ومَنْ آمَنَ معه وقال: اركبوا فيها بسم الله, يقول الله تعالى -لما أخبر تعالى أنهم كذبوا نجاه الله تعالى وقال: فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ .
البقية أهلكوا, هل أنت تصدق بهذا؟ تصدق به؛ لأنه خبر من الله تعالى, وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ؟! هل عرفت ما سبب نجاة من نجا في السفينة؟ إنه الإيمان, إنه التصديق, إنه العمل الصالح. هل عرفت سبب الذين أهلكهم الله، كما في قول الله تعالى: ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ؟ ما سبب غرقهم؟ إنه الكفر, والتكذيب, ورد الرسالة. فإذا عرفت أن هذه عاقبة المتقين, وهذه عاقبة الأشقياء, فتعرف السبب في هلاك هذا, وفي نجاة هذا, أن هذا حَمَلَهُ قوة الإيمان والتصديق على أن أطاع الرسول فيما جاء به.

line-bottom